التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فرصة الناصفة

بسم الله الرحمن الرحيم
سيُحيي الكثير من المسلمين المُنتمين لمدرسة أهل البيت (ع) ليلة النصف من شعبان مساء الخميس القادم بالاحتفالات المتنوعة؛ حيث تصادف هذه الليلة ميلاد الإمام المهدي (عج).


و تتجلّى هذه الاحتفالات عبر برامج احتفالية في الحسينيات والمساجد، وبوفيهات في شوارع المناطق المسلمة الموالية لمحمد وآل محمد، و غير ذلك. و هذا أمرٌ ممدوحٌ -عمومًا- عند مدرسة أهل البيت (ع) إن لم يلازمه إسرافٌ،  أو تبذيرٌ، أو استغراقٌ في جو الفرح بنحو يُفقد المؤمن اتزانه، وهو حينها سيكون مصداقًا ل"أحيوا أمرنا" و "شيعتنا يفرحون لفرحنا"، لكن في هذه الليلة العظيمة المُباركة بالذات: هل هو الإحياء الأمثل؟ أو فلنقل هل هو فرصة تلك الليلة التي لا ينبغي أن تُفَوَّت؟


فلنُنصت للإمام محمد الباقر (ع) فمطلبنا عنده: يُروى عنه (ع): "هي أفضل الليالي بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله ويغفر لهم بمنّه فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها فإنها ليلة آلى الله عزوجل على نفسه أن لا يرد سائلاً فيها ما لم يسأل الله المعصية وإنها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينا (ص)، فاجتهدوا في دعاء الله تعالى والثناء عليه"(1).


و لهذا الفضل و غيره مما ذُكر في الروايات الشريفة كان العلماء يحرصون على التوصية بهذه الليلة و منهم السيد ابن طاووس (رحمه الله) الذي قال: "إياك إياك أن تُضيّع شيئًا من الوقت في هذه الليلة بما يضرّك من الحركات والسكنات أو بما لا ينفعك بعد الممات، فإن غلبك النوم بغير اختيارك حتى شغلك عن بعض عبادتك و دعائك و أذكارك فليكن نومك لأجل طلب القوة على العبادة كنوم أهل السعادة"(2). و لعل أيسر الأعمال المذكورة لتلك الليلة: الغسل و الأذكار القصيرة.

هذا طبعًا لا يعني الدعوة لإلغاء الإطعام على حب محمد وآل محمد (البوفيهات) وأمثال ذلك -كما قد يفهم البعض- لكن أيُّ الأمرَين أولى بالاهتمام الأبلغ؟ كيف لنا أن نُهمل الجانب الروحي و العبادي في الليلة التي تأتي بعد ليلة القدر في الفضل بدعوى الانشغال بالبوفيهات وأشباهها؟ فلنهتم بالإطعام على حب آل محمد، و أكثر من ذلك بالاحتفالات النافعة الناشرة للوعي، وأكثر من ذلك بالإحياء العبادي في هذه الليلة العظيمة.


------------------------------------------------------------------------------------
(1) كتاب مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي - ليلة النصف من شعبان
(2) كتاب مناهل الرجاء- أعمال شهر شعبان للشيخ حسين كوراني - للتحميل:

تعليقات

  1. بلا شك الطعام والبوفيه الروحي السعي له أفضل بكثير .. الله يجعلنا من الساعين لذلك .. ومبارك عليك مولد الحجه المنتظر (عج)..وسلاماتك وصلت وأكثر .. بحاجه لدعائكم الدعاء مولانا :)..موفقين

    ردحذف
  2. نعم، أحسنتم أُخيَّة.. شكرًا لكم ووفقكم الله لكل خير :)

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب ◄ السؤال: هل القول بوفاة السيد زينب (عليها السلام) في نصف شهر رجب ثابت ويملك دليلاً معتبرًا قويًّا؟ ◄ الجواب: هذا هو القول المعروف المتداول المُلتَزَم به، إلا أن ذلك مبتنٍ على التسامح في هذه الموارد؛ إذ هذا ما يدل عليه حال الأدلة والاستدلالات التي ذكرها العلماء (رضوان الله عليهم وحفظ الأحياء منهم وأدام بركاته) في هذا الصدد. وبيان ذلك أن غاية ما يُستَدَل عليه في تحديد هذا التاريخ لوفاتها (عليها السلام) هو: ١. ما جاء في كتاب «أخبار الزينبات» -المنسوب للعبيدلي (رحمه الله)-، ونصُّه: "حدّثني إسماعيل بن محمد البصري عابد مصر ونزيلها، قال: حدّثني حمزة المكفوف، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله القرشي، قال: سمعت هند بنت أبي رافع بن عبيد الله، عن رقية بنت عقبة بن نافع الفهري، تقول: توفيت زينب بنت علي عشيّة يوم الأحد، لخمسة عشر يومًا مضت من رجب سنة ٦٢ من الهجرة، وشهدتُ جنازتها، ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري" ( ١ ) . فإن السند غير معتبر، وحت...

تعليقٌ على كلام الشيخ الغروي حول البحارنة

‏انتشرت قبل أيام مقاطع ثلاث للمؤرخ الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي (حفظه الله)، يتحدث فيها حول «ابتلائنا بالشيعة البحارنة» -على حد تعبيره- وذلك في ما يرتبط بجعل الروايات ونقل المجعول منها؛ وذلك لأنهم أخبارية فلا يرون حرمة الكذب «لأهل البيت علیهم السلام»، ‏ولأجل استمرار تداول هذه المقاطع والسؤال عنها حتى هذه اللحظة وسعة انتشارها وغير ذلك، أحببت التعليق ببعض كلماتٍ أرجو بها الخير والنفع، لكني أقدِّم لذلك بأمرَين: • أولهما: الشيخ (حفظه الله) مؤرِّخٌ وصاحب مؤلفات نافعة، ولا يعني تعليقي هاهنا أنّي أرى غير ذلك إطلاقًا، بل أحترمه وأجلّه. ‏• وثانيهما: لا تعني نسبتي بعضَ الأمور لعلماء إيران أني أرى علماء إيران أقل شأنًا أو أني أنكر فضلهم في التشيّع، في الساحة العلمية وما هو أوسع منها، لا من بابٍ قوميٍّ ولا من سواه، بل إني أحترم وأقدّر حتى مَن سأشير لهم بالخصوص، بل ولا ألتزم ما يُدّعى في نقلهم ورواياتهم. ‏المقاطع الثلاث مأخوذةٌ من ندوةٍ لسماحة الشيخ بعنوان «النبي والوصي في آيات الغدير»(١)، أُقيمَت في أحد مرافق العتبة العباسية في كربلاء المقدسة، وذلك في ٣٠ أغسطس ٢٠١٩م، أي قبل نحو عامٍ من هذه الأ...

إثارتان حول علم الغيب

مساء الأحد ليلة الاثنين 22 من شهر رمضان 1438هـ  / الموافق 18 يونيو 2017م منتدى السيدة المعصومة الثقافي – قم المقدسة بسم الله الرحمن الرحيم تدور في وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من النقاشات وتُثار الكثير من الإثارات وبعضها تتضمَّن شبهات وإن لم يلتفت صاحبها لذلك ولم يعطِ لنفسه المجال للتمهل والتثبُّت للإحاطة بشكلٍ كافٍ يحفظه من الوقوع في الزلل، انتقيت لهذه الكلمة الوجيزة اثنتين من تلك الإثارات التي شغلت وسائل التواصل وأحببت التعليق عليهما بما يناسب المقام بنحوٍ موجز، والغرض من ذلك تسليط النظر على نفس الإثارتَين وفكرتَيهما ومعالجتهما ولن أتطرّق للأشخاص المثيرين لهما. الإثارة الأولى: النبي (ص) لا يعلم مصيره، للجنة أم للنار وهنا وحتى لا يُظَن أنَّ للإثارة سياقًا ما، مخالفًا لما هو في الواقع فعلاً، أحببت أن أذكر السياق الذي أورد فيه صاحب الإثارة إثارته والجو الذي اكتنفها، ولأُقَسِّم –لأجل ذلك- كلامي لمقطعَين: الأول: ذكر المتحدث أن بعض الأعمال الشعائرية وشبهها كزيارة الحسين (عليه السلام) مثلاً لا تضمن للرجل الجنّةَ إذا ما كان المرء هاتكًا لحرمة شهر رمضان وفا...