التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أربعينية أبو حُسيني

بسم الله الرحمن الرحيم



يُقام مساء اليوم مجلسٌ تأبينيٌ لروح المرحوم عبدالله علي محمود (أبو حُسيني) بمشاركة نخبة من الشعراء و العلماء، و ذلك بمناسبة مرور أربعينية الفقيد الذي أفجع القرية و أحبابه و أقرانه برحيله.

فقيدنا هو ذاك صاحب الابتسامةِ الهادئة المعهودة، عندما أتذكُّـره الآن أحطُّ على صور الدموع التي ملأت وجنات إخوتي و أهله، أتذكَّر تلك الهمسة الغريبة التي ظننتها مزحةً غريبٌ أسلوبها على والدي! حينها كان قد أتاني "الحلاق" في مشهد لا أُجيد وصفه! بينما كنتُ أنتظر الانتهاء من الحلاقة فالعودة للمنزل و السباحة فالاتصال بعبدالله لإيصاله أمانةً كُلِّفت بإيصالها عن طريقه، إلا أنَّ الله استردّ أمانته قبل أن أؤدّي أمانتي!

أتذكَّر السماء المليئةً بالسواد، الهواء المشحون بروائح الشجى، الجموع المودِّعة، قطرات الحزن على وجنات المحبّين، احمرارُ الأعيُن، أتذكُّـر كلمة والده التي كانت تهزُّني كلما عانقته في أيام الرحيل الأولى "ريحة عبدالله"!

و برغم استنشاق غازات الغربة الخانقة*، إلا أنَّ رحيله كان لي بمثابة إشعال المزيد من الشموع في دربي و تبصيري بالمزيد من الحقائق و الاقتراب من إدراكها أكثر فأكثر، و أهم تلك النقاط المهمة التي رسّخ جذورها رحيل عبدالله "العمل ثم العمل ثم العمل" هذا ما عبّر عنه بأكثر من شكل، و منها إنهاؤه لفيلم "الجريمة الملفقة" في يوم رحيله و اقترابه من إنهاء أعمال أخرى في نفس المجال!

أتمنى أن أعي و يعي إخوتي هذه الوصية العملية التي جسّدتها آخر لحظات أبو حُسيني، و أن لا ننساه في لحظات دعائنا و لا في حتى جلساتنا بذكر محاسنه و لحظاته بيننا، رحمه الله و أسكنه فسيح الجنان مع أوليائه الذين كان ثابتًا على منهاجهم ساعيًا في تحصيل و نشر علومهم محمدٌ و آل محمد.


 ---------------------------------------------------------------
* يُروى عن الإمام علي (ع) أنه قال: فقد الأحبة غربة

تعليقات

  1. ريحة عبدالله - عبارةٌ يُطلقها والده عليك لعمق صداقتك به - هكذا نقرأها من عذب حروفك المتألمة

    لا اعرف عبدالله، لكن رحيله ضمن قافلة الشباب كان ألماً يُضاف الى إحساس المشاهدين في هذا المسرح الذي سنكون الممثلين عليه يوماً ما !

    لا اعرف عبدالله، لكن يا علي يعقوب فقد قرأت في احدى المنتديات وصيةً هي السفينة التي ستقله الى شاطئ الجنان وصيةٍ منه لأصدقاءه " اقراوا زيارة عاشوراء " !

    لا اعرف عبدالله، لكن يكفي ان يترك الإنسان زكاة عملٍ يُذكر بها في وفاتـه الا وهي اعماله الفنيـة !

    رحمك الله ايها الشاب ورحم الله المؤمنين والمؤمنات وجميع الشباب


    وعظم الله اجرك يا علي يا سوسن الطيب لأب المرحوم

    ردحذف
  2. لا أفقدك الله عزيزًا عزيزي :)

    نعم، وصيةٌ تجلّت عبرها ملامحٌ من شخصيته، فقد كان يقرأ زيارة عاشوراء كل ليلة! و بذكر هذه الوصية أحبُّ هنا أن أضع قصيدةً تُليَت في تأبين الفقيد، و كانت تحت عنوان "فقيد زيارة عاشوراء" للعزيز أحمد عبدالهادي السعيد:
    http://maameer-photos.com/up5//uploads/files/MaameerUp5-44a9681613.rar

    رحمه الله .. شابٌ يفوح الطيبُ من جوانبه، ارتاح من هم هذه الدنيا الدنيّة، و تركنا في همّ فقده و همّها!!

    في دعة الله :)

    ردحذف
  3. الله يرحمه ويحشرهـ مع محمد وال محمد

    رغم عدم معرقتي به ولكن قرات مقالكـ وحزنت لفقد شاب كما وصفت قل نظيرهـ

    وعندما حملت الملف الذي وضعت وبه قصيدهـ رثاء المؤثرهـ بكيت .. لما لاادري .. ولكن ماقيل بحقه يستدعي البكاء لرحيله ولخسرانه .. وبنفس الوقت يستدعي الفرح لانه سيلتقى بمن كان يقرا الزياره لهم كل يوم فهئنياً لهذهـ ..

    ردحذف
  4. حقيقٌ بأن يُبكى لأجله .. هذا الشاب المؤمن .. العزيز الذي أجدتم حينما قلتم أن رحيله يستدعي الفرح، فنحن سعداء لراحته و ملاقاته أحبته، و محزونون لفراقنا إياه و خسارتنا له ..

    ردحذف
  5. رحماك الله .. أشتقناك يا أبو حسيني .. أشتياقنا لا يهدينا الا هديتك لنا الا وهي زيارة عاشواء .. أرقد بسلام أيها الرسالي ..

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب ◄ السؤال: هل القول بوفاة السيد زينب (عليها السلام) في نصف شهر رجب ثابت ويملك دليلاً معتبرًا قويًّا؟ ◄ الجواب: هذا هو القول المعروف المتداول المُلتَزَم به، إلا أن ذلك مبتنٍ على التسامح في هذه الموارد؛ إذ هذا ما يدل عليه حال الأدلة والاستدلالات التي ذكرها العلماء (رضوان الله عليهم وحفظ الأحياء منهم وأدام بركاته) في هذا الصدد. وبيان ذلك أن غاية ما يُستَدَل عليه في تحديد هذا التاريخ لوفاتها (عليها السلام) هو: ١. ما جاء في كتاب «أخبار الزينبات» -المنسوب للعبيدلي (رحمه الله)-، ونصُّه: "حدّثني إسماعيل بن محمد البصري عابد مصر ونزيلها، قال: حدّثني حمزة المكفوف، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله القرشي، قال: سمعت هند بنت أبي رافع بن عبيد الله، عن رقية بنت عقبة بن نافع الفهري، تقول: توفيت زينب بنت علي عشيّة يوم الأحد، لخمسة عشر يومًا مضت من رجب سنة ٦٢ من الهجرة، وشهدتُ جنازتها، ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري" ( ١ ) . فإن السند غير معتبر، وحت

تعليقٌ على كلام الشيخ الغروي حول البحارنة

‏انتشرت قبل أيام مقاطع ثلاث للمؤرخ الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي (حفظه الله)، يتحدث فيها حول «ابتلائنا بالشيعة البحارنة» -على حد تعبيره- وذلك في ما يرتبط بجعل الروايات ونقل المجعول منها؛ وذلك لأنهم أخبارية فلا يرون حرمة الكذب «لأهل البيت علیهم السلام»، ‏ولأجل استمرار تداول هذه المقاطع والسؤال عنها حتى هذه اللحظة وسعة انتشارها وغير ذلك، أحببت التعليق ببعض كلماتٍ أرجو بها الخير والنفع، لكني أقدِّم لذلك بأمرَين: • أولهما: الشيخ (حفظه الله) مؤرِّخٌ وصاحب مؤلفات نافعة، ولا يعني تعليقي هاهنا أنّي أرى غير ذلك إطلاقًا، بل أحترمه وأجلّه. ‏• وثانيهما: لا تعني نسبتي بعضَ الأمور لعلماء إيران أني أرى علماء إيران أقل شأنًا أو أني أنكر فضلهم في التشيّع، في الساحة العلمية وما هو أوسع منها، لا من بابٍ قوميٍّ ولا من سواه، بل إني أحترم وأقدّر حتى مَن سأشير لهم بالخصوص، بل ولا ألتزم ما يُدّعى في نقلهم ورواياتهم. ‏المقاطع الثلاث مأخوذةٌ من ندوةٍ لسماحة الشيخ بعنوان «النبي والوصي في آيات الغدير»(١)، أُقيمَت في أحد مرافق العتبة العباسية في كربلاء المقدسة، وذلك في ٣٠ أغسطس ٢٠١٩م، أي قبل نحو عامٍ من هذه الأ

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان ◄ السؤال: يُقال إن أدعية أيام شهر رمضان القصار المعروفة لم ترد في أي مصدر من مصادر الشيعة والعامة، وأن الشيخ عباس القمي نقلها لسد الفراغ فقط، لا اعتمادًا عليها، وأن تعابيرها ركيكة بالإضافة إلى أن تحديد ليلة القدر فيها لا يناسب ما نعتقده نحن الشيعة، وأنها موضوعةٌ لا مشروعية ولا صحة للعمل بها، فهل ذلك صحيح؟ ◄ الجواب: لا إشكال في أن الأدعية المذكورة ليست معتبرة النسبة للمعصوم، لكن الإتيان بها جائزٌ بناءً على المعروف بين علمائنا من العمل بقاعدة «التسامح في أدلة السنن» أو قاعدة «رجاء المطلوبية»، إلا أن يدلّ دليلٌ على وضعها، بل حتى لو دلَّ دليلٌ على وضعها، فلا إشكال –على الرأي المعروف بين علمائنا- في قراءتها دون التزام نسبتها للشارع المقدس . وبيان ذلك: أقدم من ظفرتُ بذكره لهذه الأدعية المعروفة هو السيد علي ابن طاوُس (عليه الرحمة) في كتابه «الإقبال»، حيث يذكر هذه الأدعية موزَّعةً على أبواب أيام شهر رمضان بدءًا من الباب الخامس وحتى الباب الخامس والثلاثين (١) ، وبعده ذكرها الشيخ الكفعمي (رحمه الله) في كتابَيه «البلد الأمين» و«المصباح» نقل