التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الشهادة الثالثة وأذان الشيعة


عرضت إحدى القنوات الفضائية قبل عدة سنوات برنامجًا استضاف رجلَ دينٍ مسيحيًا ومعمَّمًا أزهريًا وآخر شيعيًا، ومع قيام البعض بإعادة نشر مقطعٍ من البرنامج، أثارت بعض تصريحات المُعَمّم الشيعي حول الأذان الشيعي وسائلَ التواصل بدرجةٍ ما لعدّة أيام، لا سيّما بين شباب لبنان. وتصريحات الرجل وإن كانت غنيَّةً عن التعليق إلا أن إعادة نشرها وانتشارها تُمثِّل مناسبةً جيِّدةً ربما يحسُن استغلالها للحديث عن الشهادة الثالثة والأذان الشيعي وتقديم صورةٍ واضحة حولها، لا سيّما بعد أن هدأ تناول المسألة في وسائل التواصل.
أما سبب الاستغناء عن التعليق على كلام المُتَحدِّث فمنشأه وضوح أمورٍ ثلاثة لدى عموم شبابنا:
أولها: أن الحاكم على معالمنا ومسائلنا العقائدية والفقهية وغيرها ليس التوافقات والمفاوضات وما أشبه ذلك، بل هي محكومةٌ بالأدلة الشرعية، فمتى ما أثبت الدليل حكمًا ما، فقد ثبت، و لا يُتخلَّى عنه لمجرّد عنوان التوافق والوحدة -بالصورة التي طرحها المتحدّث-، ومنطق نحن نتنازل عن أمرٍ وأنتم عن أمرٍ لأجل التوافق في ميدان الأحكام الشرعية ليس أمرًا مقبولاً، ليت المتحدِّثَ كان كما الأزهري حين أشكلَ عليه فقال: "كل اللي عندنا ثابت وصحيح".
وثانيها –وهي متصلةٌ بالأولى-: إننا حينما نتحدّث عن مسألة الوحدة الإسلامية، فلا نعني بذلك اندماج الفرق والمذاهب في مذهبٍ توافقيٍ واحد، ولو في بعض حدوده، بل نعني أمورًا منها: التعايش الاجتماعي السلمي بيننا، والالتقاء في الدفاع عن المقدّسات المشتركة كحرمة القرآن الكريم وعقيدة التوحيد والنبي (صلَّى الله عليه وآله) وبيضة الإسلام ووجوده، وغير ذلك ممّا أكّد عليه علماؤنا وفقهاؤنا.
وثالثها: أن الرجوع في الأحكام الشرعية لدينا إنما هو للمُسَلَّم بفقاهته واتصافه ببقية الشروط المذكورة في محلّها –وغيره إنما هو ناقلٌ عنه-، هذا هو الذي له أن يُفتي، وليس لسواه ذلك وإن حاز منصبًا رسميًا وقال: "أنا مفتي الشيعة"، فكلُّ مكلَّفٍ يرجع لجامع الشرائط الذي يعود له في تقليده.

رأي الفقهاء في الشهادة الثالثة أثناء الأذان

ذهب مشهور الفقهاء إلى عدم كَون الشهادة الثالثة جزءً من الأذان، لكنهم اختلفوا في حكم ذكرها:
1/ فمنهم من صرَّح باستحبابه بشرط عدم قصد الجزئية، وهو القول المعروف بين المعاصرين منهم بالذات، قال السيد الخميني (رحمه الله): "وجعل بعض المحدثين هذه الشهادة جزءً مستحبًا من جهة التسامح في أدلة السنن، وهذا القول ليس ببعيدٍ عن الصواب وإن كان أداؤها بقصد القربة المطلقة أولى وأحوط؛ لأنه يستحبُّ بعد الشهادة بالرسالة الشهادة بالولاية وإمارة المؤمنين... "(1).
وقال السيد السيستاني (حفظه الله): "والشهادة لعليٍ (عليه السلام) بالولاية وإمرة المؤمنين مُكَمِّلةٌ للشهادة بالرسالة ومستحبَّةٌ في نفسها وإن لم تكن جزءً من الأذان ولا الإقامة، وكذا الصلاة على محمدٍ وآل محمد عند ذكر اسمه الشريف"(2).

2/ ومنهم من صرَّح بإباحته عند عدم قصد الجزئية، قال الشيخ زين الدين العاملي المعروف بـ(الشهيد الثاني) (رحمه الله): ولو فعل هذه الزيادة أو أحدها –[أي الشهادة الثالثة وما كان من قبيلها]- بنيّة أنه منه، أثِم في اعتقاده، ولا يبطل الأذان بفعله، وبدون اعتقاد ذلك لا حرج"(3) وعقّب ذلك بقوله "وفي المبسوط أطلق عدم الإثم به ومثله المصنّف في البيان" أي أن الشيخ محمد بن الحسن الطوسي (رحمه الله) صرّح بإباحة ذلك في كتابه (المبسوط) دون أن يذكر تفصيلاً بين الحالتَين –أي قصد الجزئية وعدمها- وكذلك فعل الشيخ محمد بن مكي العاملي المعروف بـ(الشهيد الأول) (رحمه الله) في كتابه (البيان).

3/ ومنهم من صرَّح بالحُرمة مطلقًا، وأشهرهم الشيخ محمد ابن بابويه المعروف بـ(الصدوق) (رحمه الله)، حيث قال: "هذا هو الأذان الصحيح لا يُزاد فيه ولا يُنْقَص منه، والمفوضة (لعنهم الله) قد وضعوا أخبارًا وزادوا في الأذان: "محمد وآل محمد خير البرية" مرتين، وفي بعض رواياتهم بعد "أشهد أن محمدًا رسول الله" "أشهد أن عليًا ولي الله" مرتين، ومنهم من روى بدل ذلك "أشهد أن عليًا أمير المؤمنين حقًا" مرتين. ولا شكَّ في أن عليًا ولي الله وأنه أمير المؤمنين حقًا وأن محمدًا وآله (صلوات الله عليهم) خير البرية، ولكن ليس ذلك في أصل الأذان"(4). ‏
وقال الشيخ عبدالله الستري (رحمه الله): "هذه فصول الأذان والإقامة، وأما الشهادة لعليٍ (عليه السلام) بالولاية وأنَّ محمَّدًا (صلَّى الله عليه وآله) وعليًّا خيرُ البشر، وأنَّ محمَّدًا (صلَّى الله عليه وآله) خير البريّة، وأنَّ عليًّا أمير المؤمنين حقًا، فلا يجوز اعتقاد ذلك من فصولهما؛ إذ ذلك لم يأتِ في الشرع في مقام البيان، وإن كان لا شكّ في ذلك –[أي في ثبوت هذه الصفات للنبي والأمير]- ولا مِرية إلا أنَّ العبادة توقيفية (..) وقال شيخنا الصالح الشيخ عبدالله بن صالح السماهيجي في رسالته (عيون المسائل) بعد حكايته لفصول الأذان: "أما الشهادة بأنَّ عليًّا وليُّ الله وأنَّ محمَّدًا (صلَّى الله عليه وآله) وعليًّا (عليه السلام) خير البشر، فليس منه ولا من الإقامة، ولو فعل ذلك لا عن اعتقاد أنه منهما، قيل يجوز، وفيه نظر، وظاهر الشيخ (قدس سره) في النهاية عدم الجواز، وهو الأحوط؛ حذرًا من التشريع؛ لأن العبادة توقيفية... "(5).

وقد خالف بعض العلماء الشهرةَ –أي عدم كونها جزءً من الأذان-، فذهب لجزئيّتها، يقول السيد محمد الشيرازي (رحمه الله): "إنَّ "أشهد أنّ عليًا وليّ الله" جزءٌ من الأذان والإقامة، وقد أُشيرَ إلى ذلك في بعض الروايات"(6).

مِمَّا استند عليه المصرِّحون بالاستحباب

هنالك كلامٌ يطول به المقام تحدّث به بعض العلماء حول جواز ذكر ما ليس من الأذان في أثناء الأذان، ويطول بهذا الكلام المقام، فليُراجَع في محلِّه، وأكتفي هنا بسرد اثنين من الأدلة التي ذكروها في استحباب ذكر الشهادة الثالثة بعد الشهادتَين مطلقًا وطبقوا ذلك في مورد الأذان:
- الأول: ما رواه الطبرسي في الاحتجاج عن القاسم بن معاوية عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: "إن الله (عزَّ وجلَّ) لما خلق العرشَ كتب عليه "لا إله إلا الله، محمَّدٌ رسول الله، عليٌّ أمير المؤمنين" (..)، فإذا قال أحدكم: "لا إله إلاّ الله، محمَّدٌ رسول الله"، فليقل: "عليٌّ أمير المؤمنين"(7).
- الثاني: ما رواه  شاذان بن جبرئيل القمي في كتابه الروضة في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) أنه قال:‏ من قال "لا إله إلا الله"، فُتِحَت له أبواب السماء، ومن‏ تلاها بـ"محمد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)"، تهلل وجه الحق (سبحانه وتعالى) فاستبشر بذلك، ومن‏ تلاها بـ"عليٌّ وليُّ الله"، غفر الله له ذنوبه ولو كانت بعدد المطر(8).
وهاتان الروايتان وإن لم تكونا معتبرتَين سندًا إلا أنَّ ذلك لم يمنع رائد الوحدة الإسلامية السيد الخميني (رحمه الله) –وغيره- من الإفتاء بالاستحباب، سواءً كان ذلك استنادًا لهما أو لغيرهما مِمَّا يذكرونه في مقام الاستدلال.

كلماتٌ للعلماء حول الشهادة الثالثة

وزيادةً في دفعِ الاشتباه لِمَن ظنَّ أنّ شأن الشهادة مجرَّد فعل يقوم به بعض الأفراد غير المختصّين، وبالإضافة لما نقلته أعلاه من أقوال بعض العلماء في هذا الصدد أنقل هنا كلام غيرهم:
- يقول السيد محمد مهدي بحر العلوم (رحمه الله) في منظومته الفقهية حين حديثه عن الأذان وآدابه:

صلِّ إذا ما اسم محمَّدٍ بدا

وأكمل الشهادتَين بالتي

وإنها مثل الصلاة خارجة
عليه والآل فصلِّ لتُحمَدا

قد أُكمِل الدينُ بها في الملَّةِ

عن الخصوص بالعموم والِجَة(9)

- وقال السيد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله): "وتُستَحَبُّ الصلاة على محمَّدٍ وآل محمَّد عند ذكر اسمه الشريف، وإكمالُ الشهادتَين بالشهادة لعليٍّ (عليه السلام) بالولاية وإمرة المؤمنين في الأذان وغيره"(10).
- وقال السيد موسى الشبيري الزنجاني (حفظه الله): "ينبغي الإقرار في الأذان والإقامة بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وخلافته بعد النبي (صلَّى الله عليه وآله) مباشرةً ووصايته له، وكذا ولاية أولاده المعصومين (عليهم السلام)، وذلك بعد فقرة "أشهد أنّ محمَّدًا رسول الله) على وجهٍ لا يُعَدُّ من أجزاء الأذان والإقامة؛ فإنّ الفقهاء وإن ذكروا أن الشهادة بالولاية ليست جزءً من الأذان والإقامة إلاّ أنَّ ولاية الأئمة المعصومين (عليهم السلام) من أركان الإيمان، بل الإسلام، فلا ينبغي إهمال الإقرار بها في الأذان والإقامة كما مضى"(11).
- وقال السيد محمد سعيد الحكيم (حفظه الله): "ورد في بعض الأخبار أن من أجزاء الأذان الشهادة لعليٍ (عليه السلام) بالولاية وبإمرة المؤمنين، بل عن بعض كتب الجمهور المخطوطة أن أبا ذر (رضي الله تعالى عنه) قد أذَّن بالولاية له (عليه السلام)، فشكاه الناس لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأقرَّه على ما فعل. 
إلا أنه حيث لم تتم عندنا حجية الأخبار المذكورة فلا مجال للإتيان بها بنية أنها من أجزاء الأذان، نعم قد يحسن الإتيان بها لا بنية ذلك، بل برجاء كونها من أجزاء الأذان المستحبة، أو كونها مستحبةً في نفسها؛ لقوله (عليه السلام) في خبر الاحتجاج: «إذا قال أحدكم: لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل: علي أمير المؤمنين»، ولأنها شهادةٌ بحق جعله الله (تعالى) من الفرائض الخمس التي بني عليها الإسلام، بل هو أهمها (..) ولا بدع مع كل ذلك أن يؤتى بها في الأذان والإقامة تأكيدًا لها وتثبيتًا لمضمونها لا بنية الجزئية منهما، كما فعل المسلمون في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم قتلوا (عيهلة) الأسود العنسي الكذاب (لعنه الله تعالى)، فقد قال مؤذنهم ـ إمعانًا في الحطِّ لدعوته وإعلانًا بخمود نارها: «أشهد أن محمدًا رسول الله وأن عيهلة كذاب»، ولم ينكر عليهم أحدٌ بأنهم قد أدخلوا في الأذان ما ليس منه.
وإنما تركوا ذلك ولم يستمروا عليه؛ لعدم الحاجة له بعد أن ماتت دعوة العنسي بقتله، أما شهادتنا هذه فلا زال المسلمون في حاجة للإعلان بها بعد أن تجاهلها البعض، بل لا زالوا مصرين على إنكارها مُجِدّين في إطفاء نورها، ويأبى الله (تعالى) إلا أن يُتِمَّ نوره ويعلي كلمته، وعلى ذلك جرى أتباع أهل البيت (عليهم السلام) على مرِّ العصور وتعاقب الدهور حتى صار شعارًا لهم ورمزاً للإيمان، من دون أن يدَّعي أحدٌ منهم أنها من أجزاء الأذان أو الإقامة الواجبة، فالتزامهم بها كالتزامهم بالصلاة على النبي وعلى آله (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) عند ذكر اسمه الشريف راجحٌ من دون أن يكون جزءً من الأذان ولا الإقامة"(12).

والحمدلله ربِّ العالمين.


--------------------------
(1) الآداب المعنوية للصلاة: ب1 بعض آداب الأذان والإقامة، ف4 في بعض آداب الشهادة بالرسالة... ، فرعٌ فقهيٌ وأصلٌ عرفاني، ص264 [ط2 مؤسسة الأعلمي].
(2) منهاج الصالحين (السيستاني): ج1 (العبادات)، ك الصلاة، مقصد 5 أفعال الصلاة وما يتعلق بها، مبحث1 الأذان والإقامة، ف2 فصول الأذان والإقامة، ص178 [ط19 دار المؤرخ العربي].
(3) الروضة البهية: ج1، ك الصلاة، ف3 في كيفية الصلاة، ص192 [ط12 مجمع الفكر الإسلامي].
(4) مَن لا يحضره الفقيه: ج1، أبواب الصلاة وحدودها، ب44 الأذان والإقامة... ، ذيل ح897(34)، ص290 [ط5 مؤسسة النشر الإسلامي].
(5) منية الراغبين: الأذان والإقامة، ص58 [ط2 الشيخ منصور الستري].
(6) المسائل الإسلامية (السيد محمد الشيرازي): أحكام الصلاة، الأذان والإقامة، مسألة980، ص218 [ط39 مؤسسة القلم الثقافية].
(7) الاحتجاج: ج1، [احتجاجات أمير المؤمنين ع]، ح62 معراج الرسول ص، ص365-366 [ط8 دار الأسوة].
(8) الروضة في فضائل أمير المؤمنين: ح3، ص23 [ط مكتبة الأمين، نسخة نور].
(9) منظومة الدرة النجفية: ص114-115 [ط دار الزهراء، نسخة مكتبة مدرسة الفقاهة].
(10) منهاج الصالحين (الخوئي): ج1 (العبادات)، ك الصلاة، مقصد5 أفعال الصلاة... ، مبحث1 في الأذان والإقامة، ف2 فصول الأذان... ، ص150 [ط1 دار المرتضى].
(11) المسائل الشرعية (الزنجاني): ك الصلاة، الأذان والإقامة، مسألة929، ص212-213 [ط2 مؤسسة نشر الفقاهة].
(12) منهاج الصالحين (السيد محمد سعيد الحكيم): ج1 (العبادات)، ك الصلاة، مقصد2 في كيفية الصلاة، مبحث1 الأذان والإقامة، ف2 فصول الأذان... ، مسألة 133، ص201-202 [ط3 دار الهلال، نسخة موقع السيد].

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب ◄ السؤال: هل القول بوفاة السيد زينب (عليها السلام) في نصف شهر رجب ثابت ويملك دليلاً معتبرًا قويًّا؟ ◄ الجواب: هذا هو القول المعروف المتداول المُلتَزَم به، إلا أن ذلك مبتنٍ على التسامح في هذه الموارد؛ إذ هذا ما يدل عليه حال الأدلة والاستدلالات التي ذكرها العلماء (رضوان الله عليهم وحفظ الأحياء منهم وأدام بركاته) في هذا الصدد. وبيان ذلك أن غاية ما يُستَدَل عليه في تحديد هذا التاريخ لوفاتها (عليها السلام) هو: ١. ما جاء في كتاب «أخبار الزينبات» -المنسوب للعبيدلي (رحمه الله)-، ونصُّه: "حدّثني إسماعيل بن محمد البصري عابد مصر ونزيلها، قال: حدّثني حمزة المكفوف، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله القرشي، قال: سمعت هند بنت أبي رافع بن عبيد الله، عن رقية بنت عقبة بن نافع الفهري، تقول: توفيت زينب بنت علي عشيّة يوم الأحد، لخمسة عشر يومًا مضت من رجب سنة ٦٢ من الهجرة، وشهدتُ جنازتها، ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري" ( ١ ) . فإن السند غير معتبر، وحت

تعليقٌ على كلام الشيخ الغروي حول البحارنة

‏انتشرت قبل أيام مقاطع ثلاث للمؤرخ الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي (حفظه الله)، يتحدث فيها حول «ابتلائنا بالشيعة البحارنة» -على حد تعبيره- وذلك في ما يرتبط بجعل الروايات ونقل المجعول منها؛ وذلك لأنهم أخبارية فلا يرون حرمة الكذب «لأهل البيت علیهم السلام»، ‏ولأجل استمرار تداول هذه المقاطع والسؤال عنها حتى هذه اللحظة وسعة انتشارها وغير ذلك، أحببت التعليق ببعض كلماتٍ أرجو بها الخير والنفع، لكني أقدِّم لذلك بأمرَين: • أولهما: الشيخ (حفظه الله) مؤرِّخٌ وصاحب مؤلفات نافعة، ولا يعني تعليقي هاهنا أنّي أرى غير ذلك إطلاقًا، بل أحترمه وأجلّه. ‏• وثانيهما: لا تعني نسبتي بعضَ الأمور لعلماء إيران أني أرى علماء إيران أقل شأنًا أو أني أنكر فضلهم في التشيّع، في الساحة العلمية وما هو أوسع منها، لا من بابٍ قوميٍّ ولا من سواه، بل إني أحترم وأقدّر حتى مَن سأشير لهم بالخصوص، بل ولا ألتزم ما يُدّعى في نقلهم ورواياتهم. ‏المقاطع الثلاث مأخوذةٌ من ندوةٍ لسماحة الشيخ بعنوان «النبي والوصي في آيات الغدير»(١)، أُقيمَت في أحد مرافق العتبة العباسية في كربلاء المقدسة، وذلك في ٣٠ أغسطس ٢٠١٩م، أي قبل نحو عامٍ من هذه الأ

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان ◄ السؤال: يُقال إن أدعية أيام شهر رمضان القصار المعروفة لم ترد في أي مصدر من مصادر الشيعة والعامة، وأن الشيخ عباس القمي نقلها لسد الفراغ فقط، لا اعتمادًا عليها، وأن تعابيرها ركيكة بالإضافة إلى أن تحديد ليلة القدر فيها لا يناسب ما نعتقده نحن الشيعة، وأنها موضوعةٌ لا مشروعية ولا صحة للعمل بها، فهل ذلك صحيح؟ ◄ الجواب: لا إشكال في أن الأدعية المذكورة ليست معتبرة النسبة للمعصوم، لكن الإتيان بها جائزٌ بناءً على المعروف بين علمائنا من العمل بقاعدة «التسامح في أدلة السنن» أو قاعدة «رجاء المطلوبية»، إلا أن يدلّ دليلٌ على وضعها، بل حتى لو دلَّ دليلٌ على وضعها، فلا إشكال –على الرأي المعروف بين علمائنا- في قراءتها دون التزام نسبتها للشارع المقدس . وبيان ذلك: أقدم من ظفرتُ بذكره لهذه الأدعية المعروفة هو السيد علي ابن طاوُس (عليه الرحمة) في كتابه «الإقبال»، حيث يذكر هذه الأدعية موزَّعةً على أبواب أيام شهر رمضان بدءًا من الباب الخامس وحتى الباب الخامس والثلاثين (١) ، وبعده ذكرها الشيخ الكفعمي (رحمه الله) في كتابَيه «البلد الأمين» و«المصباح» نقل