التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المنبر.. وبعض ما يُرجى


مساء الأربعاء ليلة الخميس
21 ذو الحجة 1438هـ - 13 سبتمبر 2017م
منتدى السيدة المعصومة الثقافي - قم المقدسة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمدٍ وآل محمدٍ الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم السرمدي على أعدائهم أعداء الدين.
قال الله (تعالى) في كتابه الكريم: (ذلك ومن يعظِّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)(1).
يبدأ محبو أهل البيت (عليهم السلام) بعد أيامٍ إحياءَ العشرةِ الحسينية اقتفاءً لسيرةِ المعصوم (عليه السلام) في الاكتساء بثوب الحزن في هذه العشرة العظيمة(2)، ومن أبرز مظاهر الحزن -والذي لا نبالغ لو وصفناه بـ(ركن الإحياء)- ما نصطلح عليه اليوم بـ"المجلس الحسيني".

رعاية المنبر

ولحساسية المنبر ودوره وتأثيره الخاص، لا سيّما في الوقت الراهن الذي أصبح يمارس فيه المنبر دورًا لا يُستهان به في تغذية المجتمع بمعارف الدين وأحكامه وصياغة الثقافة العامة له، كان من الطبيعي أن يمنحه أهل العلم والدين عنايةً خاصة تحفظه وتصونه عمّا لا يليق به وتهتم بتغذيته بما يناسب دوره ويساهم في إعانته على أداء رسالته بنحوٍ أفضل وأتمّ، ولم ينحصر هذا الاهتمام بجانبٍ دون جانب، بل طال المادة التي يقدمها المنبر، والهيئة، فانبرى قلم المحدث النوري في كتابه اللؤلؤ والمرجان، وتبعه تلميذه المحدث القمي في كتابه نفس المهموم، وتابعهما الشيخ مطهري في الملحمة الحسينية، وكان للسيد المقرّم تعليقاته في مقتله، وللشيخ صنقور تدقيقاته في كتابه تساؤلات حول النهضة الحسينية، وغيرهم... ، ناهيك عن التوجيهات التي تصدر من الفقهاء والعلماء بين الحين والآخر لخَدَمة الحسين (عليه السلام) من خطباء ونُعاة ورواديد وغيرهم.

تنويه

وغنيٌ عن التنويه أن هذه الجهود والتوجيهات وإن كانت جهودًا مشكورةً إلا أنَّها –ولا سيّما النقدي منها- ليست معفيةً من النقد أيضًا، ولا ينبغي أن يتحسَّس أحدنا من النقد ولا من نقد النقد ما دام ملتزمًا النهج العلمي مراعيًا لضوابط الخطاب مع المؤمنين والأسلوب الأمثل الأنجع للمعالجة، وإن استلزم –بحسب تقدير الناقد أو ناقد النقد- بعض الشدة أحيانًا، كما أنه لا بُدَّ من التفريق والتمييز بين النقد والملاحظة والاستفسار؛ إذ النقد إنما يصدر من كلٍّ بحسب مقدار معرفته وعلمه في ما يتعرَّض له لا بما يتجاوزهما، كما أنّ الحاكم فيه هو المعيار العلمي لا الأمزجة الشخصية، نعم، غير المطَّلع على العلم وأدواته، فليسأل وليستفسر، وشأن السؤال مهمٌ وضروريٌ لا يُستَهان به كما سيأتي التنبيه عليه، كما أنَّ من المناسب، بل المهم أن يستزيد المؤمن من معرفته بأدوات البحث ومصادره؛ ليكون له دوره الهام الذي يمارسه طِبقًا لمستواه المعرفي.

نقاطٌ ثلاث

وهنا لا بأس بالحديث حول نقاطٍ ثلاث:

الأولى: نقل الروايات والأحداث

والمسؤولية هنا لا تنحصر بالخطيب الحسيني، بل تقع على عاتقه وعاتق مستمعيه وإدارة المأتم.
فينبغي أن يحرص الخطيب أشدَّ الحرص على عدم نقل أي معلومةٍ إلا مع الاطلاع على مصدرٍ لها، فلا يكفيه –في الغالب- أن تكون مسموعةً مِن مَن يحترمه ويُقَدِّره أو يحبُّه، لا سيّما مع الالتفات لقدرٍ يُعتَد به مِمَّا تتناقله الألسن –وبعضها ألسن خطباء- مِمَّا يكون منشأه الخلط بين مقولات خيال الشاعر ولسان الحال أو الاشتباه في فهم النقل أو عدم جودة الحافظة، وغير ذلك، نعم هنا لا بُدَّ من أن أنبِّه أنّي لا أعني بكلامي أنّ هذا حال جميع الخطباء، بل من الواضح عند المتابع أنّ فيهم مَن يُدقِّق في نقل كل شاردةٍ وواردة، وفيهم مَن لا يرتضي نقل المسموعات على المنبر دون الرجوع للمصادر.
ودور المستمع هنا لا ينبغي أن يُهمَل أيضًا، فليسأل الخطيبَ عن مصادر معلوماته ونقولاته، لا سيّما عند احتمال الاشتباه، فقد يجري بعض السهو والاشتباه عند بعض إخوتنا، والحديث هنا إنما هو عن أهل النزاهة والأمانة مِمَّن يشتبهون لأمرٍ –كعدم التثبت من المسموعات- أو لآخر، وهم أرفع من أن يُنسَبَ لهم الكذب.
ومن نماذج ما اشتُهِر على الألسن نِسبته لأهل البيت (عليهم السلام):

1) إن كان دين محمدٍ لم يستقم .. إلا بقتلي يا سيوف خذيني

نُسِبَ التلفُّظ به للحسين (عليه السلام) أثناء المعركة قُبَيل استشهاده، وهو في الواقع ليس إلا بيتًا من قصيدةٍ للشيخ محسن أبو الحب، أراد به حكاية حال الحسين (عليه السلام) وتضحيته بنفسه ودمه الذي حفظ لهذا الدين وجودَه.

2) تركت الخلق طرًا في هواكَ .. وأيتمت العيال لكي أراكَ
     فـلو قطَّـعتنـي بـالحـبِّ إربًـا .. لما مـال الفؤادُ إلى سواكَ

نُسِبَت هذه الكلمات للحسين (عليه السلام) قُبيل استشهاده أيضًا، بل وعرضتها إحدى القنوات الشيعية مرةً قبل سنوات على أنها كذلك، وليسا إلا بيتَين قيل إنهما للشاعرة الصوفية رابعة العدوية، وقيل إنهما لغيرها.

وهنالك صنفٌ آخر من الخطباء، وقد لا نكون مِمَّن ابتُليَ به في البحرين إلا أنَّ غيرنا قد ابتُليَ به حتمًا، وإن لم نحرص ونلتفت فلا عاصم لنا من الابتلاء به، وهو الصنف المتجرّئ بالكذب على الله ورسوله (صلَّى الله عليه وآله)، والحاجة للسؤال والاستفسار عند احتمال كون المتحدِّث من هؤلاء مُلحَّةٌ جدًا، بل المراقبة أيضًا، وضرورتها أشدُّ من أن يُنَبَّه عليها.

الثانية: القصيدة الحسينية

ويجدر الحديث فيها أيضًا –منبريةً كانت أو موكبية- أن يتوجه لمنشئها ومستمعها. أما من جهة المنشئ (الشاعر)، فلا بُدَّ من أن يراعي قُدسية القضية وأشخاصها؛ إذ قد سمعنا من المنبر والموكب ما لا يتناسب مع مقام المعصوم وَمن يليه (سلام الله عليهم)، فمن قصيدة عتبٍ لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) بلسان ابنه العباس (عليه السلام) تشتمل كلمات لا تنسجم وتتناسب مع مقامهما العالي، مقام المسلِّم الممتثل المُقدِّس لأبيه وسيّده وإمامه وسيِّد الخلق بعد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، ومن أخرى تتحدَّث عن حُبِّ أبي الفضل (عليه السلام) ووفائه لأخيه وسيِّده وإمامه الحسين (صلوات الله عليه) بكلماتٍ لا تتناسب مع شأنهما وجلال قدرهما وعلوِّه، وغير ذلك من أشباهه... لا بُدَّ أن نلتفت إلى أنَّنا عن مَن نتحدَّث، وعن ماذا نتكلَّم.
ولا بُدَّ أن تراعي القصيدة عند تضمينها بعض الأحداث والمضامين ورودَها في المصادر والمراجع، فلا يشتبه في نقل بعض الأحداث، الحال واحدٌ من هذه الجهة بين النثر والشعر.
نعم، قد يقصد الشاعر الحديث بلسان حال الحسين (عليه السلام) أو يتمثَّل حوارًا خياليًا معبِّرًا عن مآسي الطف بين اثنين من شخصيّاته، كالخطاب بين السجاد (عليه السلام) وجسد أبيه المضرَّج بالدماء أو بين فاطمة (صلوات الله عليها) وشيعتها، وغير ذلك، إلا أنّ الشاعر ها هنا يجدر به أن يلتفت –بالإضافة لمقام من يتحدَّث بألسنتهم- إلى وضع القرينة الدالة على أن هذا حوارٌ خيالي أو لسان حالٍ أو تعبيرٌ أدبيٌّ أعمُّ من ذلك؛ كي لا يلتبس على المستمع ذلك.
وكما أنَّه جديرٌ بالشاعر أن يلتفت لما ذُكِر، فهو بالخطيب كذلك عند انتقائه للقصيدة التي يلقيها على مسامع المؤمنين وانطباق ما ذُكِر عليها، بل المسؤولية تقع على كاهل الخطيب بشكلٍ أوضح وأكبر إن كان طالب علم.

وهنا لا بُدَّ من إلفات المستمع لاحترام حقِّ الشاعر في استخدام أدواته الأدبية في صياغة القصيدة، فلا يُعابُ عليه تصويره الأدبي ولا تعبيره بلسان حال الشخصيات ما دام مراعيًا للضوابط.

ومن طريف القول هنا ما نقله الشيخ هاني البناء قبل عام، أنه قد باح له أحد المستمعين بتساؤلٍ يخامره حول سؤال الحوراء (عليها السلام) للسجاد (عليها السلام) بعد عودته من دفن الأجساد: (بالله ارد انشدك ماي شربته يا دفّان)؛ إذ كان يظنُّ أن الشاعر هنا يحكي سؤالاً حقيقيًا قد تلفَّظت به الحوراء! رغم وضوح كونه من خيال الشاعر!! مثل هذا الاشتباه لا يُقاسُ عليه؛ إذ كونه من خيال الشاعر مِمَّا لا لبس فيه إلا لغفلةٍ أو شبهها.

الثالثة: ملاءمة الخِطاب للمقام

روي عنهم  (عليهم السلام): قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم(3)، وعلى هذا المنوال ينبغي أن يسير المبلِّغ عن كتاب الله وعنهم (صلوات الله عليهم).
نعم، ليس من المناسب حينما أستفسر من طبيبٍ عن حالي الصحي أن يشرحه لي بمصطلحاتٍ وتعابير تخصُّصية وعمقٍ فوق فهمي وإدراكي، بل لا بُدَّ أن ينزل بالعبارة لي بالمستوى الذي يمكن أن أفهمه، ليس من المناسب حينما أستفسر عن عطل سيارتي عند (الميكانيكي) أن يشرحه لي بما أكون أقل من فهمه؛ لاشتماله على اصطلاحاتٍ وعبائر تخصُّصية لا أفهمها، إلا أن يقوم الطبيب و(الميكانيكي) بتوضيح تلك المصطلحات بأسلوبٍ يناسبني، شرحهم وبيانهم رسالةٌ، ولا بُدَّ في الرسالة من مراعاة حال المُرسَل إليه، وهكذا في خطاب المِنبَر أيضًا، فمصطلحاتٌ مثل (الواجب التوصّلي) و(الواجب التعبُّدي) ليس محلّها المنبر إلا إن رافقها بيانٌ يناسبها إن لم يستلزم ذلك تشويشًا عند المستمع.
ولعلّ المستغرق في جوٍ من الأجواء يذهل عن ذلك ويغفل، فيحتاج -دون شكٍ- لتنبيه المستمع والمتابع، ولكم غفلتُ وغفل غيري في ذلك.

وعلى الهامش:

[ طُرِحَت مجموعةٌ من الأسئلة، وقد أحببت أن أقتطف من التعليق عليها بعضَ المضامين، وهي:]

تحديد نوع الحالة

إن لتحديد نوع الحالة التي نريد نقدها ومعالجتها -سواء لنسأل عنها أو لنُبدي عليها ملاحظةً أو لننقدها- أهميةً بالغة؛ إذ التشخيص الصحيح للحالة يُشكِّل مقدمةً مهمة للتشخيص الصحيح للحل والعلاج النافع لها، بينما تشخيص لسان الحال غير المنضبط ككذبة يمارسها الشاعر -مثلاً- من شأنه أن يعقِّد المشكلة بدلاً من أن يحلّها.

العشرة وقضية عاشوراء

لا بُدَّ من التفريق بين عنوان "إحياء العشرة الحسينية" وبين "إحياء قضية عاشوراء"، فإن قضية عاشوراء ينبغي إحياؤها خلال 12 شهرًا في العام، و4 أسابيع في الشهر، و7 أيام في الأسبوع، و24 ساعةً في اليوم، أي في كل لحظةٍ وعلى مدار العام كله، إحياؤها على المستوى العقائدي، على المستوى الاجتماعي والتربوي، على المستوى الفكري والثقافي، على المستوى السياسي، ينبغي أن تنبض قضية عاشوراء وتتجسَّد في مختلف مفاصل حياتنا، إلا أنَّ هذا لا يُلغي خصوصيَّة "العشرة الحسينية" التي دلَّت النصوص على غلبة الحزن على أجواء إحيائها، لا سيَّما يوم العاشر منها.

عاشوراء ليس فلكلورًا شعبيًا

لعلّنا نحتمل أن الإحياء الحسيني -عند بعضهم- في بعض الزوايا ربما اتجه نحو منحىً معيّن، منحىً بات معه مفرَّغًا -في بعض زواياه- من روحه وعُمقه العقائدي والديني والروحي، بل قد ترى سلوك بعضهم فيه لا ينسجم إلا مع (الكرنفالات) والمهرجانات التي تمثّل (فلكلورًا شعبيًا) وإن كان (فلكلورًا) يتميّز بمشاهد حزينة مؤلمة، وعاشوراء أسمى من ذلك وأعظم، فلنتنبَّه؛ درءًا للابتلاء، ولنعمِّق إحياءنا ونَعِش هذه الأيام والليالي بكلِّ وجداننا.

[ ملاحظة: العنـوان الأصـلي للمـحاضـرة هـو
"المنبر الحسيني بين الواقع والمأمول"، لكن
قمتُ بتغيير العنوان؛ كي ينسجم مـع المضمون
أكثر، وقمـتُ بتوضيـح عبـاراتٍ أحتـمل معـها
الوقوع في اللبس ].


----------------------------
(1) سورة الحج: 32.
(2) عن الرضا (عليه السلام) أنه قال: كان أبي (عليه السلام) إذا دخل شهر المحرم لا يُرى ضاحكًا وكانت الكئابة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر، كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول هو اليوم الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام) (الأمالي (للصدوق): مجلس 27، ح2(199)، ص190 [ط2 مؤسسة البعثة].
(3) الكافي: ج15، ك الروضة، ح394(15205)، ص608 [ط3 دار الحديث].

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب ◄ السؤال: هل القول بوفاة السيد زينب (عليها السلام) في نصف شهر رجب ثابت ويملك دليلاً معتبرًا قويًّا؟ ◄ الجواب: هذا هو القول المعروف المتداول المُلتَزَم به، إلا أن ذلك مبتنٍ على التسامح في هذه الموارد؛ إذ هذا ما يدل عليه حال الأدلة والاستدلالات التي ذكرها العلماء (رضوان الله عليهم وحفظ الأحياء منهم وأدام بركاته) في هذا الصدد. وبيان ذلك أن غاية ما يُستَدَل عليه في تحديد هذا التاريخ لوفاتها (عليها السلام) هو: ١. ما جاء في كتاب «أخبار الزينبات» -المنسوب للعبيدلي (رحمه الله)-، ونصُّه: "حدّثني إسماعيل بن محمد البصري عابد مصر ونزيلها، قال: حدّثني حمزة المكفوف، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله القرشي، قال: سمعت هند بنت أبي رافع بن عبيد الله، عن رقية بنت عقبة بن نافع الفهري، تقول: توفيت زينب بنت علي عشيّة يوم الأحد، لخمسة عشر يومًا مضت من رجب سنة ٦٢ من الهجرة، وشهدتُ جنازتها، ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري" ( ١ ) . فإن السند غير معتبر، وحت

تعليقٌ على كلام الشيخ الغروي حول البحارنة

‏انتشرت قبل أيام مقاطع ثلاث للمؤرخ الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي (حفظه الله)، يتحدث فيها حول «ابتلائنا بالشيعة البحارنة» -على حد تعبيره- وذلك في ما يرتبط بجعل الروايات ونقل المجعول منها؛ وذلك لأنهم أخبارية فلا يرون حرمة الكذب «لأهل البيت علیهم السلام»، ‏ولأجل استمرار تداول هذه المقاطع والسؤال عنها حتى هذه اللحظة وسعة انتشارها وغير ذلك، أحببت التعليق ببعض كلماتٍ أرجو بها الخير والنفع، لكني أقدِّم لذلك بأمرَين: • أولهما: الشيخ (حفظه الله) مؤرِّخٌ وصاحب مؤلفات نافعة، ولا يعني تعليقي هاهنا أنّي أرى غير ذلك إطلاقًا، بل أحترمه وأجلّه. ‏• وثانيهما: لا تعني نسبتي بعضَ الأمور لعلماء إيران أني أرى علماء إيران أقل شأنًا أو أني أنكر فضلهم في التشيّع، في الساحة العلمية وما هو أوسع منها، لا من بابٍ قوميٍّ ولا من سواه، بل إني أحترم وأقدّر حتى مَن سأشير لهم بالخصوص، بل ولا ألتزم ما يُدّعى في نقلهم ورواياتهم. ‏المقاطع الثلاث مأخوذةٌ من ندوةٍ لسماحة الشيخ بعنوان «النبي والوصي في آيات الغدير»(١)، أُقيمَت في أحد مرافق العتبة العباسية في كربلاء المقدسة، وذلك في ٣٠ أغسطس ٢٠١٩م، أي قبل نحو عامٍ من هذه الأ

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان ◄ السؤال: يُقال إن أدعية أيام شهر رمضان القصار المعروفة لم ترد في أي مصدر من مصادر الشيعة والعامة، وأن الشيخ عباس القمي نقلها لسد الفراغ فقط، لا اعتمادًا عليها، وأن تعابيرها ركيكة بالإضافة إلى أن تحديد ليلة القدر فيها لا يناسب ما نعتقده نحن الشيعة، وأنها موضوعةٌ لا مشروعية ولا صحة للعمل بها، فهل ذلك صحيح؟ ◄ الجواب: لا إشكال في أن الأدعية المذكورة ليست معتبرة النسبة للمعصوم، لكن الإتيان بها جائزٌ بناءً على المعروف بين علمائنا من العمل بقاعدة «التسامح في أدلة السنن» أو قاعدة «رجاء المطلوبية»، إلا أن يدلّ دليلٌ على وضعها، بل حتى لو دلَّ دليلٌ على وضعها، فلا إشكال –على الرأي المعروف بين علمائنا- في قراءتها دون التزام نسبتها للشارع المقدس . وبيان ذلك: أقدم من ظفرتُ بذكره لهذه الأدعية المعروفة هو السيد علي ابن طاوُس (عليه الرحمة) في كتابه «الإقبال»، حيث يذكر هذه الأدعية موزَّعةً على أبواب أيام شهر رمضان بدءًا من الباب الخامس وحتى الباب الخامس والثلاثين (١) ، وبعده ذكرها الشيخ الكفعمي (رحمه الله) في كتابَيه «البلد الأمين» و«المصباح» نقل