التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأسئلة (٥): اعتبار «تسلية المجالس» وهوية مؤلفه


الأسئلة (٥):
اعتبار «تسلية المجالس» وهوية مؤلفه

 للتحميل بصيغة pdf:


السؤال: ما مدى اعتبار مقتل محمد بن أبي طالب؟ ومن هو هذا الرجل؟

الجواب: المصنّف (رحمه الله) هو السيد محمد بن أبي طالب بن أحمد الموسوي الحائري الكركي، عدَّه الشيخ المجلسي (رحمه الله) من سادة الأفاضل المتأخرين(١)، وهو من علماء القرن العاشر الهجري.

أما مقتله -وهو الموسوم بـ«تسلية المُجالس وزينة المَجالِس»-، فهو من الكتب التي لم تحظَ بتداول العلماء، ومن هنا حصل الاشتباه عند بعضهم فظنّوا أنَّ «تسلية المجالس» كتابٌ و«زينة المجالس» كتابٌ آخر، كلاهما في مقتل الحسين (عليه السلام)، إلا أنَّ الشيخ المجلسي (عليه الرحمة) قد اعتمد عليه في بحاره ولم يذكر نقدًا أو مثلبةً فيه خلال الفصل الثاني من مقدمة البحار كما هو شأنه مع الكتب التي يُشكِل عليها.

كُتِبَ الكتاب على هيئة مجالس عشرة أسوةً بأحد الكتب التي رآها واستحسن أسلوبها لعله «روضة الشهداء» للكاشفي-، اشتملت المجالس على ذكر مصيبة أهل البيت (عليهم السلام) مع بعض مناقبهم وفضائلهم (صلوات الله عليهم) ومقاطع أدبية نثرًا ونظمًا، لكنه خلافًا لمثل «روضة الشهداء»- تقصَّد نقل الروايات المعتبرة، حيث قال: "ولم أورد فيه من الأحاديث إلا ما صحَّحه علماؤنا، ورجَّحه أعلامنا، ودوَّنوه في كتبهم، ونقلوه عن أئمتهم"(٢).

إلا أنّي لا أعلم إلى أي مدىً وُفِّق في ما عزم عليه، يحتاج الأمر للمزيد من البحث في الكتاب ومرويّاته، لكن لعلّ صورة اعتبار مرويّاته تتقرّب من خلال الالتفات لمصادر مرويّاته، والتي يمكن تقسيمها لثلاثة أقسام:

الأول: كتب وصلتنا عنوانًا وعينًا، وهي كتب متعددة، ومنها كتب عامةٍ وخاصة، ولعل أبرز كتب الخاصة «مناقب آل أبي طالب» لابن شهرآشوب (عليه الرحمة) و«الملهوف على قتلى الطفوف» للسيد علي ابن طاوس (عليه الرحمة)، وأبرز كتب العامة >مقتل الحسين< للخوارزمي.

الثاني: كتب وصلتنا عنوانًا دون أن تصلنا نسخةٌ منها، ككتاب «النبوة» للشيخ الصدوق (عليه الرحمة)، و«مولد فاطمة (عليها السلام)» للصدوق أيضًا.

الثالث: كتب لم يُعلَم عنوانها في فهارس العلماء، فضلاً عن معرفة عينها، ككتاب «محاسن الجوابات».
هذا وقد أكثر المصنف (رحمه الله) من النقل عن مناقب ابن شهر آشوب والملهوف ومقتل الخوارزمي.

نعم، لاحظت انتقادًا لأحد الكُتَّاب على رواية طلب الحسين (عليه السلام) الماء من الشمر، واعتبرها من مظاهر تحريف واقعة عاشوراء-والتي أوردها المؤلف في المجلس السابع من كتابه(٣)-، إلا أنّ ذكر هذه الحادثة مِمَّا لم ينحصر بهذا الكتاب، وقد نوقِشَت، مع قطع النظر عن الرأي الحاسم فيها، أعني بتعبير آخر: إن مثل ذلك لوحده غير قادحٍ في جملة الكتاب.

عمومًا، لإعطاء نتيجةٍ واضحة حول اعتبار الكتاب ومرويّاته يستلزم الأمر بحثًا ومتابعةً كافية، فما اطلعتُ عليه وذكرته لا يصلح إلا لإعطاء تصوّر عام يقرّب صورة الكتاب وحاله.

والحمد لله رب العالمين.
٢٧ ذو الحجة ١٤٤٠هـ




) بحار الأنوار ١: ٢١، ٤٠ [ط٢ دار إحياء التراث العربية- نسخة جامع الأحاديث 3.5].
) تسلية المُجالِس ١: ٥٢ [ط١ مؤسسة المعارف الإسلامية].
) تسلية المجالس ٢: ٣٢٣.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب ◄ السؤال: هل القول بوفاة السيد زينب (عليها السلام) في نصف شهر رجب ثابت ويملك دليلاً معتبرًا قويًّا؟ ◄ الجواب: هذا هو القول المعروف المتداول المُلتَزَم به، إلا أن ذلك مبتنٍ على التسامح في هذه الموارد؛ إذ هذا ما يدل عليه حال الأدلة والاستدلالات التي ذكرها العلماء (رضوان الله عليهم وحفظ الأحياء منهم وأدام بركاته) في هذا الصدد. وبيان ذلك أن غاية ما يُستَدَل عليه في تحديد هذا التاريخ لوفاتها (عليها السلام) هو: ١. ما جاء في كتاب «أخبار الزينبات» -المنسوب للعبيدلي (رحمه الله)-، ونصُّه: "حدّثني إسماعيل بن محمد البصري عابد مصر ونزيلها، قال: حدّثني حمزة المكفوف، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله القرشي، قال: سمعت هند بنت أبي رافع بن عبيد الله، عن رقية بنت عقبة بن نافع الفهري، تقول: توفيت زينب بنت علي عشيّة يوم الأحد، لخمسة عشر يومًا مضت من رجب سنة ٦٢ من الهجرة، وشهدتُ جنازتها، ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري" ( ١ ) . فإن السند غير معتبر، وحت

تعليقٌ على كلام الشيخ الغروي حول البحارنة

‏انتشرت قبل أيام مقاطع ثلاث للمؤرخ الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي (حفظه الله)، يتحدث فيها حول «ابتلائنا بالشيعة البحارنة» -على حد تعبيره- وذلك في ما يرتبط بجعل الروايات ونقل المجعول منها؛ وذلك لأنهم أخبارية فلا يرون حرمة الكذب «لأهل البيت علیهم السلام»، ‏ولأجل استمرار تداول هذه المقاطع والسؤال عنها حتى هذه اللحظة وسعة انتشارها وغير ذلك، أحببت التعليق ببعض كلماتٍ أرجو بها الخير والنفع، لكني أقدِّم لذلك بأمرَين: • أولهما: الشيخ (حفظه الله) مؤرِّخٌ وصاحب مؤلفات نافعة، ولا يعني تعليقي هاهنا أنّي أرى غير ذلك إطلاقًا، بل أحترمه وأجلّه. ‏• وثانيهما: لا تعني نسبتي بعضَ الأمور لعلماء إيران أني أرى علماء إيران أقل شأنًا أو أني أنكر فضلهم في التشيّع، في الساحة العلمية وما هو أوسع منها، لا من بابٍ قوميٍّ ولا من سواه، بل إني أحترم وأقدّر حتى مَن سأشير لهم بالخصوص، بل ولا ألتزم ما يُدّعى في نقلهم ورواياتهم. ‏المقاطع الثلاث مأخوذةٌ من ندوةٍ لسماحة الشيخ بعنوان «النبي والوصي في آيات الغدير»(١)، أُقيمَت في أحد مرافق العتبة العباسية في كربلاء المقدسة، وذلك في ٣٠ أغسطس ٢٠١٩م، أي قبل نحو عامٍ من هذه الأ

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان ◄ السؤال: يُقال إن أدعية أيام شهر رمضان القصار المعروفة لم ترد في أي مصدر من مصادر الشيعة والعامة، وأن الشيخ عباس القمي نقلها لسد الفراغ فقط، لا اعتمادًا عليها، وأن تعابيرها ركيكة بالإضافة إلى أن تحديد ليلة القدر فيها لا يناسب ما نعتقده نحن الشيعة، وأنها موضوعةٌ لا مشروعية ولا صحة للعمل بها، فهل ذلك صحيح؟ ◄ الجواب: لا إشكال في أن الأدعية المذكورة ليست معتبرة النسبة للمعصوم، لكن الإتيان بها جائزٌ بناءً على المعروف بين علمائنا من العمل بقاعدة «التسامح في أدلة السنن» أو قاعدة «رجاء المطلوبية»، إلا أن يدلّ دليلٌ على وضعها، بل حتى لو دلَّ دليلٌ على وضعها، فلا إشكال –على الرأي المعروف بين علمائنا- في قراءتها دون التزام نسبتها للشارع المقدس . وبيان ذلك: أقدم من ظفرتُ بذكره لهذه الأدعية المعروفة هو السيد علي ابن طاوُس (عليه الرحمة) في كتابه «الإقبال»، حيث يذكر هذه الأدعية موزَّعةً على أبواب أيام شهر رمضان بدءًا من الباب الخامس وحتى الباب الخامس والثلاثين (١) ، وبعده ذكرها الشيخ الكفعمي (رحمه الله) في كتابَيه «البلد الأمين» و«المصباح» نقل