التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأسئلة (٧): عدم اشتمال مناقب ابن شهرآشوب على بابٍ للمهدي (ع)



الأسئلة (٧):
عدم اشتمال مناقب ابن شهرآشوب على بابٍ للمهدي (ع)

 للتحميل بصيغة pdf:
https://cutt.us/MafAshob


السؤال: عند مطالعة كتاب «مناقب آل أبي طالب» لابن شهرآشوب نلاحظ أن أبوابه تبدأ بالنبي (صلَّى الله عليه وآله) وتنتهي بالإمام العسكري (صلوات الله عليه) فقط، لم يختم بالإمام المهدي (عليه السلام)! ما سر هذا الأمر؟

الجواب: السر في ذلك يكمن وراء ما وصلنا من نسخ الكتاب؛ إذ الظاهر أن النسخة الكاملة من الكتاب ليست موجودةً فيما بين أيدينا.

وللتفصيل أقول: ذكر شيخ التراث الآغا بزرگ الطهراني (عليه الرحمة) في شأن ما وصلنا من كتاب «المناقب» احتمالَين وأيَّد الثاني منهما، قال (رحمه الله): "ويظهر من الشيخ زين الدين البياضي في «الصراط المستقيم» أن أصل «المناقب» مفقود، وهو كتاب كبير، وُزِنَ جزءٌ منه فكان تسعة أرطال، بل الموجود هو منتخبه الموسوم ب‍ «النخب»، لكن يأتي أن «النخب» غير هذا الموجود المطبوع، وهو أيضًا موجود، ولا بُعدَ في أن يُكتَب بقلم جليٍّ على ورقٍ غليظٍ جدًا في جلدٍ ثقيلٍ يكون بالوزن المذكور.
مع أن المناقب الموجود ناقص قطعًا؛ حيث إنه ليس فيه أحوال الإمام الثاني عشر، وقد أحال ابن شهرآشوب إلى مناقبه وجه تلقيب الشيخ «المفيد» به [أي تلقيبه بـ«المفيد»]، وليس ذلك فيه، فهو مذكور في باب أحوال الحجة الذي لقَّبه به، مع أن النسخة الموجودة في خزانة الحاج مولى علي محمد النجف آبادي في النجف، تاريخ كتابتها سنة ٧٧٧ [هـ]، وذكر في آخره انها كتبت عن نسخة... إلخ"(١).

وربما استُظهِرَ من الأفندي (عليه الرحمة) في فوائده الطريفة أن هناك خللاً في بعض نسخ «النخب»؛ حيث عُنوِنَت بـ«المناقب» اشتباهًا، ومن هنا جاء كلامه وكلام البياضي (عليهما الرحمة)، لا أنَّ كلامهما كان مبنيًا على النسخ المعروفة بيننا الآن، قال الأفندي (رحمه الله): "لا يخفى أن نسخ «المناقب» لابن شهرآشوب التي رأيناها لا تشمل على باقي الأئمة (عليهم السلام)، بل مقصورٌ على مناقب رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وعليٍ وفاطِمة (عليهما السلام) وكذا «نخب المقال» الذي انتخبه الشيخ حسين بن جبر من كتاب «مناقب ابن شهرآشوب»، لا يوجد منه إلا هذا القدر في مجلدٍ كبير، بل الحق أن النسخ الدائرة الآن هي بعينها كتاب مختصره، ولا يوجد أصل كتاب «المناقب» لابن شهرآشوب... "(٢).

وكتاب «النخب» وصلنا فعلاً، والوصف الذي ذكره الأفندي (رحمه الله) لنسخ «المناقب» التي رآها مطابقةٌ لوصف نسخة «النخب» المطبوعة أيضًا، وهي غير مطابقةٍ لوصف «المناقب» الذي بين أيدينا، فالراجح -على إثر ذلك- صحة ما تبنَّاه شيخ التراث (عليه الرحمة).

والحمد لله رب العالمين.
١٥ ذو القعدة ١٤٤٠هـ



(١) الذريعة ٢٢: ٣١٨-٣١٩ [ط٣ دار الأضواء].
(٢) الفوائد الطريفة: ٥٢٧  [ط١ مكتبة المرعشي النجفي].

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب ◄ السؤال: هل القول بوفاة السيد زينب (عليها السلام) في نصف شهر رجب ثابت ويملك دليلاً معتبرًا قويًّا؟ ◄ الجواب: هذا هو القول المعروف المتداول المُلتَزَم به، إلا أن ذلك مبتنٍ على التسامح في هذه الموارد؛ إذ هذا ما يدل عليه حال الأدلة والاستدلالات التي ذكرها العلماء (رضوان الله عليهم وحفظ الأحياء منهم وأدام بركاته) في هذا الصدد. وبيان ذلك أن غاية ما يُستَدَل عليه في تحديد هذا التاريخ لوفاتها (عليها السلام) هو: ١. ما جاء في كتاب «أخبار الزينبات» -المنسوب للعبيدلي (رحمه الله)-، ونصُّه: "حدّثني إسماعيل بن محمد البصري عابد مصر ونزيلها، قال: حدّثني حمزة المكفوف، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله القرشي، قال: سمعت هند بنت أبي رافع بن عبيد الله، عن رقية بنت عقبة بن نافع الفهري، تقول: توفيت زينب بنت علي عشيّة يوم الأحد، لخمسة عشر يومًا مضت من رجب سنة ٦٢ من الهجرة، وشهدتُ جنازتها، ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري" ( ١ ) . فإن السند غير معتبر، وحت

تعليقٌ على كلام الشيخ الغروي حول البحارنة

‏انتشرت قبل أيام مقاطع ثلاث للمؤرخ الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي (حفظه الله)، يتحدث فيها حول «ابتلائنا بالشيعة البحارنة» -على حد تعبيره- وذلك في ما يرتبط بجعل الروايات ونقل المجعول منها؛ وذلك لأنهم أخبارية فلا يرون حرمة الكذب «لأهل البيت علیهم السلام»، ‏ولأجل استمرار تداول هذه المقاطع والسؤال عنها حتى هذه اللحظة وسعة انتشارها وغير ذلك، أحببت التعليق ببعض كلماتٍ أرجو بها الخير والنفع، لكني أقدِّم لذلك بأمرَين: • أولهما: الشيخ (حفظه الله) مؤرِّخٌ وصاحب مؤلفات نافعة، ولا يعني تعليقي هاهنا أنّي أرى غير ذلك إطلاقًا، بل أحترمه وأجلّه. ‏• وثانيهما: لا تعني نسبتي بعضَ الأمور لعلماء إيران أني أرى علماء إيران أقل شأنًا أو أني أنكر فضلهم في التشيّع، في الساحة العلمية وما هو أوسع منها، لا من بابٍ قوميٍّ ولا من سواه، بل إني أحترم وأقدّر حتى مَن سأشير لهم بالخصوص، بل ولا ألتزم ما يُدّعى في نقلهم ورواياتهم. ‏المقاطع الثلاث مأخوذةٌ من ندوةٍ لسماحة الشيخ بعنوان «النبي والوصي في آيات الغدير»(١)، أُقيمَت في أحد مرافق العتبة العباسية في كربلاء المقدسة، وذلك في ٣٠ أغسطس ٢٠١٩م، أي قبل نحو عامٍ من هذه الأ

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان ◄ السؤال: يُقال إن أدعية أيام شهر رمضان القصار المعروفة لم ترد في أي مصدر من مصادر الشيعة والعامة، وأن الشيخ عباس القمي نقلها لسد الفراغ فقط، لا اعتمادًا عليها، وأن تعابيرها ركيكة بالإضافة إلى أن تحديد ليلة القدر فيها لا يناسب ما نعتقده نحن الشيعة، وأنها موضوعةٌ لا مشروعية ولا صحة للعمل بها، فهل ذلك صحيح؟ ◄ الجواب: لا إشكال في أن الأدعية المذكورة ليست معتبرة النسبة للمعصوم، لكن الإتيان بها جائزٌ بناءً على المعروف بين علمائنا من العمل بقاعدة «التسامح في أدلة السنن» أو قاعدة «رجاء المطلوبية»، إلا أن يدلّ دليلٌ على وضعها، بل حتى لو دلَّ دليلٌ على وضعها، فلا إشكال –على الرأي المعروف بين علمائنا- في قراءتها دون التزام نسبتها للشارع المقدس . وبيان ذلك: أقدم من ظفرتُ بذكره لهذه الأدعية المعروفة هو السيد علي ابن طاوُس (عليه الرحمة) في كتابه «الإقبال»، حيث يذكر هذه الأدعية موزَّعةً على أبواب أيام شهر رمضان بدءًا من الباب الخامس وحتى الباب الخامس والثلاثين (١) ، وبعده ذكرها الشيخ الكفعمي (رحمه الله) في كتابَيه «البلد الأمين» و«المصباح» نقل