التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بين يدَي داعيك...

يدعوك أحدهم لضيافته، فتحرص على مراعاة حق داعيك، تتعرّف على ما يرضيه ويسخطه، لتفعل الأول وتتجنّب الثاني، وهذا المتوقع المأمول من كل ضيفٍ كريم، هذا صحيح؟

بين يدينا دعوةٌ من أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) لزيارة جدِّه أبي عبد الله الحسين (عليه السلام: روى ابن قولويه عن محمد بن جعفر القرشي الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أسامة زيد الشحام، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من أتى قبر الحسين (عليه السلام) تشوّقًا إليه كتبه الله من الآمنين يوم القيامة، وأعطي كتابه بيمينه، وكان تحت لواء الحسين (عليه السلام) حتى يدخل الجنة، فيُسكنه درجته، إن  الله عزيزٌ حكيم.

ومما روي عن الصادق (عليه السلام) في ما يحبّه من زوار جدِّه الشهيد (عليه السلام): ما رواه ابن قولويه عن أبيه وأخيه وعلي بن الحسين، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف، عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، عن علي بن الحكم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا أردت زيارة الحسين (عليه السلام)، فزره وأنت كئيبٌ حزينٌ مكروب، شعثًا مغبرًّا  جائعًا عطشانا؛ فإن الحسين قُتِل حزينًا مكروبًا شعثًا مُغبَرًّا جائعًا عطشانا، وسله الحوائج وانصرف عنه ولا تتخذه وطنا.

ومما روي عن الصادق (عليه السلام) في ما يكرهه من زوار جدِّه الشهيد (عليه السلام): ما رواه ابن قولويه عن حكيم بن داود، عن سلمة بن الخطاب، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن بعض أصحابنا، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): بلغني أن قومًا إذا زاروا الحسين بن علي (عليهما السلام) حملوا معهم السُّفر، فيها الحلاوي والأخبصة وأشباهها، لو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا ذلك.

وتأمَّل هذه الرواية جيِّدًا، وأمعن استماع كلماتها، وإن شئت فتصوَّر الإمام (عليه السلام) يخاطبك أنت، وبلهجتك؛ فلعلَّ ذلك أبلغ في وصول مراد الإمام (عليه السلام) إلى قلبك، يقول ابن قولويه: حدّثني محمد بن أحمد بن الحسين، قال: حدّثني الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عنزرعة بن محمد الحضرمي، عن المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): تزورون خيرٌ من أن لا تزورون [تزوروا ظ]، ولا تزورون خيرٌ من أن تزورون [تزوروا ظ]، قال: قلتُ: قطعتَ ظهري! قال (عليه السلام): تالله إن أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيبًا حزينًا وتأتونه أنتم بالسُّفر؟! كلا حتى تأتونه شعثًا غبرًا!

فإن كان ما تقدّم حالك مع داعيك مطلقًا، فإنه مع إمامك أولى، فتأمَّل وتدبَّر...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب ◄ السؤال: هل القول بوفاة السيد زينب (عليها السلام) في نصف شهر رجب ثابت ويملك دليلاً معتبرًا قويًّا؟ ◄ الجواب: هذا هو القول المعروف المتداول المُلتَزَم به، إلا أن ذلك مبتنٍ على التسامح في هذه الموارد؛ إذ هذا ما يدل عليه حال الأدلة والاستدلالات التي ذكرها العلماء (رضوان الله عليهم وحفظ الأحياء منهم وأدام بركاته) في هذا الصدد. وبيان ذلك أن غاية ما يُستَدَل عليه في تحديد هذا التاريخ لوفاتها (عليها السلام) هو: ١. ما جاء في كتاب «أخبار الزينبات» -المنسوب للعبيدلي (رحمه الله)-، ونصُّه: "حدّثني إسماعيل بن محمد البصري عابد مصر ونزيلها، قال: حدّثني حمزة المكفوف، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله القرشي، قال: سمعت هند بنت أبي رافع بن عبيد الله، عن رقية بنت عقبة بن نافع الفهري، تقول: توفيت زينب بنت علي عشيّة يوم الأحد، لخمسة عشر يومًا مضت من رجب سنة ٦٢ من الهجرة، وشهدتُ جنازتها، ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري" ( ١ ) . فإن السند غير معتبر، وحت

تعليقٌ على كلام الشيخ الغروي حول البحارنة

‏انتشرت قبل أيام مقاطع ثلاث للمؤرخ الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي (حفظه الله)، يتحدث فيها حول «ابتلائنا بالشيعة البحارنة» -على حد تعبيره- وذلك في ما يرتبط بجعل الروايات ونقل المجعول منها؛ وذلك لأنهم أخبارية فلا يرون حرمة الكذب «لأهل البيت علیهم السلام»، ‏ولأجل استمرار تداول هذه المقاطع والسؤال عنها حتى هذه اللحظة وسعة انتشارها وغير ذلك، أحببت التعليق ببعض كلماتٍ أرجو بها الخير والنفع، لكني أقدِّم لذلك بأمرَين: • أولهما: الشيخ (حفظه الله) مؤرِّخٌ وصاحب مؤلفات نافعة، ولا يعني تعليقي هاهنا أنّي أرى غير ذلك إطلاقًا، بل أحترمه وأجلّه. ‏• وثانيهما: لا تعني نسبتي بعضَ الأمور لعلماء إيران أني أرى علماء إيران أقل شأنًا أو أني أنكر فضلهم في التشيّع، في الساحة العلمية وما هو أوسع منها، لا من بابٍ قوميٍّ ولا من سواه، بل إني أحترم وأقدّر حتى مَن سأشير لهم بالخصوص، بل ولا ألتزم ما يُدّعى في نقلهم ورواياتهم. ‏المقاطع الثلاث مأخوذةٌ من ندوةٍ لسماحة الشيخ بعنوان «النبي والوصي في آيات الغدير»(١)، أُقيمَت في أحد مرافق العتبة العباسية في كربلاء المقدسة، وذلك في ٣٠ أغسطس ٢٠١٩م، أي قبل نحو عامٍ من هذه الأ

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان ◄ السؤال: يُقال إن أدعية أيام شهر رمضان القصار المعروفة لم ترد في أي مصدر من مصادر الشيعة والعامة، وأن الشيخ عباس القمي نقلها لسد الفراغ فقط، لا اعتمادًا عليها، وأن تعابيرها ركيكة بالإضافة إلى أن تحديد ليلة القدر فيها لا يناسب ما نعتقده نحن الشيعة، وأنها موضوعةٌ لا مشروعية ولا صحة للعمل بها، فهل ذلك صحيح؟ ◄ الجواب: لا إشكال في أن الأدعية المذكورة ليست معتبرة النسبة للمعصوم، لكن الإتيان بها جائزٌ بناءً على المعروف بين علمائنا من العمل بقاعدة «التسامح في أدلة السنن» أو قاعدة «رجاء المطلوبية»، إلا أن يدلّ دليلٌ على وضعها، بل حتى لو دلَّ دليلٌ على وضعها، فلا إشكال –على الرأي المعروف بين علمائنا- في قراءتها دون التزام نسبتها للشارع المقدس . وبيان ذلك: أقدم من ظفرتُ بذكره لهذه الأدعية المعروفة هو السيد علي ابن طاوُس (عليه الرحمة) في كتابه «الإقبال»، حيث يذكر هذه الأدعية موزَّعةً على أبواب أيام شهر رمضان بدءًا من الباب الخامس وحتى الباب الخامس والثلاثين (١) ، وبعده ذكرها الشيخ الكفعمي (رحمه الله) في كتابَيه «البلد الأمين» و«المصباح» نقل