يشيع توهّمٌ لدى بعض الأخوات من أن قولَ المتديّن "الحجاب لحفظكن" يعني أمرَين: أولهما أنّ المتديّن يدّعي أن الحجاب يمنع مطلقًا الاعتداء على عرضهن بنظرةٍ أو غيرها، وثانيهما أنّ فعل المعتدي عليهن بنظرةٍ أو غيرها عند عدم رعاية الحجاب الشرعي فعلٌ مُبَرَّر عند أهل الدين، وكلاهما وهمان!
بل الصحيح أن عدم الالتزام بالحجاب الشرعي يبرِز مفاتن المرأة، وهذا من شأنه أن يحفِّز في الرجل غريزتَه، ومن الواضح أن الرجل -كما المرأة- كائنٌ عاقلٌ مختار، وبالتالي فقد ينجرّ وراء غريزته وشهوته، وقد يضبط نفسَه؛ لاتِّزانه وتديّنه ورعايته الحرمات، أو لغير ذلك، بل قد لا يقتضي ذلك إثارته من أصل حتى يضبطه إما لمانعٍ من الموانع، أو لأن الأمر لم يصل عنده للحد الذي يثيره بشخصه عادةً مثلاً، فالرجال، بل البشر متفاوتون في مستوى ما يحرِّك رغباتهم وغرائزهم.
فإن تحقَّق الالتزام بالحجاب الشرعي، انتفى أحد محفزات الغريزة، أو أحد دواعي المعصية، وقد تكون هناك دواعٍ أخرى تدعو مريضَ القلب هذا للخروج عن حالة الاتزان والتديّن، الحجاب يعالج جهةً معيّنة، ولا يمنع الالتزام به من وجود داعٍ آخر ينفذ من خلاله مرضى القلوب لمعصية النظرة المحرمة وغيرها، ومن هنا لا يرد قول بعضهن: إن كان الحجاب حافظًا للمرأة من هؤلاء المرضى، فما بال فلانة الملتزمة بالحجاب الشرعي؟ كيف انتهكها فلانٌ بنظرةٍ حرامٍ أو غيرها؟
أما لو انتهك أحدهم حرمة امرأةٍ لا تلتزم بالحجاب الشرعي مطلقًا أو لا تلتزم به بتمامه، فما حاله؟ لا يخفى أنه مُرتَدٍ ثوبَ العصيان لله (عزَّ وجل)، وهو ثوب مذلَّةٍ وهوان، وعصيانه هذا غير مبرَّر، وليس معذورًا بفعله، هو مدانٌ مستحقٌّ للاستصغار من الناس وللعقاب من الله (عزَّ وجل)، نعم، عدم الالتزام بالحشمة والوقار وبالحجاب الشرعي التام يحفِّز للعصيان ويرغِّب فيه، فلا يصحُّ -أيضًا- للمرأة المتبرِّجة أن تتبرَّأ من المساهمة في هذه المعصية، ولا يصحُّ منها إنكار ذلك عمومًا، كلاهما مختاران، وتكليفهما الشرعي ينبغي أن يكون واضحًا، ومَن يُخالِف تكليفه الإلهي مُخطئ مُدان، وإن تفاوت مستوى الإدانة بين فردٍ وآخر وبين فعلٍ وآخر.
وأما دعوى أن الإثارة الغريزية ليست سوى مشكلةٍ مختصّةٍ بـ(الرجل الشرقي المتخلّف) و(المجتمعات العربية المختلّفة) وما أشبه ذلك، فهي دعوى يُكذِّبها كلام أبناء المجتمعات الأخرى أنفسهم، وتكذّبها إحصائياتهم، وأخبارهم، وما يَرِدُنا عنهم عمومًا، فهي -والحال هذه- دعوى تمثّل توهّمًا جليًّا.
تعليقات
إرسال تعليق