بسم الله الرحمن الرحيم
يختزل كثيرون مولانا
الإمام الحسين بن علي (ع) في أنه وجودٌ ثائرٌ على الحكام الظلَمة المتجبّرين، أو
ثورته و حركته في أنها نهضةٌ لإسقاط الأنظمة المستبيحة للدماء و الأعراض، و في هذا
ظلمٌ لوجود الحسين (ع) و ثورته، و نظرٌ سطحيٌ لا لوجود الحسين (ع) فحسب، بل لثورةٍ
جلَّت عن أن تُحصَر في دنيا فضلاً عن أن تُحصَر في مجالٍ من مجالاتها، و لا مبالغة
في الاعتقاد بأنها حركةٌ كان و لا زال لها أثرها في حركة الكون كله.
و بالحديث عن الثورة فإن
وصيته (ع) التي دفعها لأخيه محمد بن الحنفية (رض) عند خروجه من المدينة قد يصُحُّ
اعتبارها الوثيقةَ الأولى المُعبِّرة عن هذه الحركة و روحها، و التي يُروى أنه يقول فيها:
".. إني لم أخرج أشِرًا و لا بطِرًا و لا مُفسدًا و لا ظالمًا، و إنما خرجتُ
لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد صلّى الله عليه و آله، أريد أن آمر بالمعروف و أنهى
عن المنكر، و أسير بسيرة جدي و سيرة أبي علي بن أبي طالب عليه السلام..."(1)، نجده يُعطي خروجه بُعدًا شموليًا عنوانه الإصلاح في أمة جده (ص).
و لأن الإصلاح هذا لا
يعني إسقاط يزيدٍ أو غيره من الظلمة فحسب، بل و لا يعني الإتيان بنظامٍ آخرَ بديل
لا يتّخذ العنف سبيلاً لمواجهة شعبه فحسب، بل يؤكد على أن المسألة عبارة عن
"آمرَ بالمعروف و أنهى عن المنكر"، فلا يكفي إسقاط هذا النظام أو ذاك،
بل و ليس هو الهدف أساسًا و إن كان وسيلةً لتحقيق الهدف، و ليس المعروفُ الذي يؤمر
به في هذه الحركة و يُراد شَياعه أيّ معروف، و لا المنكر الذي يُنهى عنه و يُراد
إزالته أيّ منكر، بل هما معروفٌ و منكر بحسب النظرة الإسلامية الأصيلة التي تنسجم
مع سيرة الرسول الأكرم (ص) الذي انتشَل هذه الأمة من جاهليتها، و سيرة وصيّه و ابن
عمه علي بن أبي طالب الذي لم تعرف الأمة –بعد المصطفى (ص)- حاكمًا أكثر عدلاً و
إنصافًا منه.
و الثورة التي تكون بهذا
الحِس الإسلامي و تُرتجى لهكذا إصلاح شاملٍ يكون على كل المستويات، لا يمكن أن
تُختصر في ثورةٍ على ظلم حاكم، بل هي -لا أقل- ثورةٌ على كل المظاهر التي يرى
الإسلام فيها فسادًا و انحرافًا عن خطه الأصيل، هي ثورةٌ لا تنتهي بسقوط صنمٍ أو
آخر، بل مستمرةٌ لتُنهي المنكر بكل أشكاله و يسود
المعروف بكل ألوانه، و لأنها سَيرٌ على سيرة النبي (ص) و وصيه (ع) فيلزمها أن تكون
عطاءً مستمرًا لا يتوقف إلا بتحقُّق الكمال الإنساني المُطلق في كل الأبعاد المادية
و المعنوية.
لذلك كله، كان من الإيجابي
جدًا أن تُشدِّد دعوات الحسينيين الرساليين على هذه الشمولية للثورة الحسينية، و
ذا لنفعنا، لشمولية الاقتداء، لشمولية السعي، لشمولية الإصلاح، لشمولية الثورة حين تتوفّر شروطها فتقوم، لشمولية الانتصار.
------------------------------------------------------------------------------
(1)
كتاب اللمعات للسيد محمد
الحسين الحسيني الطهراني – موقع مؤلفات سماحة السيد
مر من هنا حبيب العالي رائعة يا ابو حسين
ردحذفولنا مثال شاهد سقط مبارك مصر لكن أتى مبروك مع الاسف الاخوة في مصر لازالوا يعانون من نظام القمع المباركي
الله يوفقنا لاصلاح انفسنا وإصلاح الوطن
بارك الله بك
ردحذفوفقك الله لكل خير
Habib HF
ردحذفنعم عزيزي حبيب، مبارَك لم يكُن إلا رمزًا من رموز الفساد التي اقتضى الإصلاح اقتلاعها من الوجود السياسي في رأس هرم النظام المصري، أعان الله إخوتنا في مصر و وفقهم لكل خير ..
المهندس عقيل العبادي
سلّمك الرحمن و بارك فيك و وفقك لكل خيرٍ إن شاء الله :)
السسلام عليكم و رحمة الله ..
ردحذفأخي علي تقبل خالص ودي و تحياتي و أحترامي لك و لنبض قلمك المليء بالوعي و الادراك و الحريه ..
و أحببت ان اخبرك بأني قد نشرت مقالكم الرائع على صفحتنا في الفيس بوك صفحة قلم الحراك القطيفي .. على هذا الرابط
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=510274702324639&set=a.492597097425733.120313.492555484096561&type=1&relevant_count=1
و أتمنى ان تعذرني لتطلفي ..