التخطي إلى المحتوى الرئيسي

من مصلحة مَن؟

بسم الله الرحمن الرحيم

أشعر أنَّ ما ذكرته في (هل دلَّس الخوئي) كافٍ لإثبات أن مدلِّس لندن مُدَلِّسٌ مُلَبِّسٌ مُشَبِّهٌ يتقصَّد السوء، ولذلك فإني عندما أكتب بعضَ القادم -بإذن الله- حول ما ورد عنه الاستفسار من شبهات طرحها مُدلِّس لندن، فإني لستُ أتقصَّد إثبات هذا المعنى بوجهٍ، لكن لا بأس بعرض بعض المؤيِّدات لتلبيسه -خارج تناول تلك الشبهات- بين الفترة والأخرى بإذن الله كشواهد سريعة من غير إطالةٍ.

من يُتابعه يعلم كيف أنه يُحاول توهين الأمناء على الحلال والحرام علمائنا العدول الأمناء، بطرقٍ عدَّة، منها التشكيك بأمانتهم ووثاقتهم والضرب في عقيدتهم بأهل البيت (عليهم السلام) بألوانٍ وأشكالٍ متعدِّدة.

ومنها ها هنا حيث حاول أن يوحي -عبر طريقة إثارته للتساؤل ونبرته وتعبيره- بوجود دوافع مريبة وراء (اقتطاع جزء من رواية في الوسائل)، وردَّد الأمر بين الحر نفسه وبين محقّقي كتاب (وسائل الشيعة)، فقال: "والرواية من الكافي، والكافي موجود، لكنني تعمدت أن آتي بها من الوسائل، لماذا؟ لأنني لا أدري لماذا الشيخ الحر قطع الرواية، وربما لم يكن الشيخ الحر قد قطع الرواية، هناك من علمائنا الذين حققوا هذا الكتاب قطعوا الرواية، لا أدري لماذا..."(1). هذا المقدار يكفي، ولا داعي لمزيد نقلٍ لكلامه، وإن اشتمل المقطع على مؤيِّدات أخرى على نواياه.

عمومًا، بنحوٍ مختصر أقول:
أولاً: سواء أردتَ أن تشكِّكَ في الحر أم محقّقي الكتاب، إن من أوحيت أن لديه أغراض مريبة تجاه تتمة الرواية ومضامينها قد نقل بعد هذه الرواية مباشرةً وفي نفس الصفحة تمامًا روايةً أخرى بنفس المضمون وتشتمل على مضمون التتمة(2)، بل نقل غيرها كذلك، بل بعضها أصرح في المقام وأعلى في المضمون ولا يسع المقام لإيراد البقية.

ثانيًا: أُورِدَت الرواية عينها بطريقٍ آخر مع تتمتها بعد عدة صفحات(3)، بل وأشار الحر (رحمه الله) لطرقٍ أخرى للرواية في ذلك الموطن.

ثالثًا: من قال أنه يلزم الحُر أن يُتمِّم الرواية أصلاً؟ إنما أوردها الحرُّ (رحمه الله) ضمن روايات باب (وجوب العبادات الخمس) وهو أول (أبواب مقدمة العبادات)(4)، ويكفيه هنا أن يورِد من الرواية موطن الشاهد، ولذا قال بعدها: "الحديث"؛ إشعارًا منه باكتفائه بنقل هذا القدر منها للدلالة على ما أراد الاستدلال عليه (وجوب العبادات الخمس).

وعليه، فهل لنبرة الإيحاء بالريب هذه معنىً وداعٍ غير ما سبق ذكره من نواياه ودواعيه؟! علمًا بأنّ هنالك تلبيسًا آخر في المقطع عند كلامه عن (الفروع) وعن ما عبَّر عنه بـ(أصول الأشاعرة)، أرجو أن يسع الوقت فأوفَّق لاحقًا للتعليق عليه.


-----------------------------------------
(1) المقطع [00:20] ( الوصلة: https://www.youtube.com/watch?v=5O-IDNIpERQ ).
(2) وسائل الشيعة: ج1، أبواب مقدمة العبادات، ب1 وجوب العبادات الخمس، ح2، ص13[ط مؤسسة آل البيت لإحياء التراث].
(3) وسائل الشيعة: ج1، أبواب مقدمة العبادات، ب1 وجوب العبادات الخمس، ح10، ص17.
(4) وسائل الشيعة: ج1، أبواب مقدمة العبادات، ب1 وجوب العبادات الخمس، ص13.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب

الأسئلة (١٠): وفاة الحوراء في منتصف رجب ◄ السؤال: هل القول بوفاة السيد زينب (عليها السلام) في نصف شهر رجب ثابت ويملك دليلاً معتبرًا قويًّا؟ ◄ الجواب: هذا هو القول المعروف المتداول المُلتَزَم به، إلا أن ذلك مبتنٍ على التسامح في هذه الموارد؛ إذ هذا ما يدل عليه حال الأدلة والاستدلالات التي ذكرها العلماء (رضوان الله عليهم وحفظ الأحياء منهم وأدام بركاته) في هذا الصدد. وبيان ذلك أن غاية ما يُستَدَل عليه في تحديد هذا التاريخ لوفاتها (عليها السلام) هو: ١. ما جاء في كتاب «أخبار الزينبات» -المنسوب للعبيدلي (رحمه الله)-، ونصُّه: "حدّثني إسماعيل بن محمد البصري عابد مصر ونزيلها، قال: حدّثني حمزة المكفوف، قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله القرشي، قال: سمعت هند بنت أبي رافع بن عبيد الله، عن رقية بنت عقبة بن نافع الفهري، تقول: توفيت زينب بنت علي عشيّة يوم الأحد، لخمسة عشر يومًا مضت من رجب سنة ٦٢ من الهجرة، وشهدتُ جنازتها، ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري" ( ١ ) . فإن السند غير معتبر، وحت

تعليقٌ على كلام الشيخ الغروي حول البحارنة

‏انتشرت قبل أيام مقاطع ثلاث للمؤرخ الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي (حفظه الله)، يتحدث فيها حول «ابتلائنا بالشيعة البحارنة» -على حد تعبيره- وذلك في ما يرتبط بجعل الروايات ونقل المجعول منها؛ وذلك لأنهم أخبارية فلا يرون حرمة الكذب «لأهل البيت علیهم السلام»، ‏ولأجل استمرار تداول هذه المقاطع والسؤال عنها حتى هذه اللحظة وسعة انتشارها وغير ذلك، أحببت التعليق ببعض كلماتٍ أرجو بها الخير والنفع، لكني أقدِّم لذلك بأمرَين: • أولهما: الشيخ (حفظه الله) مؤرِّخٌ وصاحب مؤلفات نافعة، ولا يعني تعليقي هاهنا أنّي أرى غير ذلك إطلاقًا، بل أحترمه وأجلّه. ‏• وثانيهما: لا تعني نسبتي بعضَ الأمور لعلماء إيران أني أرى علماء إيران أقل شأنًا أو أني أنكر فضلهم في التشيّع، في الساحة العلمية وما هو أوسع منها، لا من بابٍ قوميٍّ ولا من سواه، بل إني أحترم وأقدّر حتى مَن سأشير لهم بالخصوص، بل ولا ألتزم ما يُدّعى في نقلهم ورواياتهم. ‏المقاطع الثلاث مأخوذةٌ من ندوةٍ لسماحة الشيخ بعنوان «النبي والوصي في آيات الغدير»(١)، أُقيمَت في أحد مرافق العتبة العباسية في كربلاء المقدسة، وذلك في ٣٠ أغسطس ٢٠١٩م، أي قبل نحو عامٍ من هذه الأ

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان

الأسئلة (١٣): أدعية أيام شهر رمضان ◄ السؤال: يُقال إن أدعية أيام شهر رمضان القصار المعروفة لم ترد في أي مصدر من مصادر الشيعة والعامة، وأن الشيخ عباس القمي نقلها لسد الفراغ فقط، لا اعتمادًا عليها، وأن تعابيرها ركيكة بالإضافة إلى أن تحديد ليلة القدر فيها لا يناسب ما نعتقده نحن الشيعة، وأنها موضوعةٌ لا مشروعية ولا صحة للعمل بها، فهل ذلك صحيح؟ ◄ الجواب: لا إشكال في أن الأدعية المذكورة ليست معتبرة النسبة للمعصوم، لكن الإتيان بها جائزٌ بناءً على المعروف بين علمائنا من العمل بقاعدة «التسامح في أدلة السنن» أو قاعدة «رجاء المطلوبية»، إلا أن يدلّ دليلٌ على وضعها، بل حتى لو دلَّ دليلٌ على وضعها، فلا إشكال –على الرأي المعروف بين علمائنا- في قراءتها دون التزام نسبتها للشارع المقدس . وبيان ذلك: أقدم من ظفرتُ بذكره لهذه الأدعية المعروفة هو السيد علي ابن طاوُس (عليه الرحمة) في كتابه «الإقبال»، حيث يذكر هذه الأدعية موزَّعةً على أبواب أيام شهر رمضان بدءًا من الباب الخامس وحتى الباب الخامس والثلاثين (١) ، وبعده ذكرها الشيخ الكفعمي (رحمه الله) في كتابَيه «البلد الأمين» و«المصباح» نقل